قراءات
اخترنا لكم
إنّما الخطِيَّة خاطِئة جدًّا!
هل هناك شيء يجتث كلّ الخير، ويزيل كلّ بركة إلاّ الخطية؟
أما طَرَدَت آدم وحوّاء من الجنّة، وسَلَبَتْهُما ما كانا فيه من راحةٍ تامّةٍ، وهناءة ليس بعدها من مزيد؟ أما شَوَّهَت جمال الخليقة، وقَلَبَت كلّ شيء رأسًا على عقب، وملأت الكون بالأنَّات والزفرات؟ “فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ” (رومية ٢٢:٨). أما أخْرَجَت من جوفِها سعيرًا وحِمَمًا، وجعلت جوّ العالم عبوسًا متجهِّمًا، عندما “اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ” (رومية ١٢:٥)؟ أما أسالَت الدموع غِزارًا، وأجْرَتْها على الوجنات سيلاً مِدرارًا؟ أما كانت السبب في انفجار ينابيع الغمر وانفتاح طاقات السّماء وهلاك العالم بالطوفان؟ أما جَلَبَت على سدوم وعمورة نارًا أحْرَقَتْها على بِكْرَة أبيها، وتَرَكَتْها بلقعًا لا تُسمع فيها نأمة إنسان أو حيوان؟ أما أذاقت بني إسرائيل كؤوسًا أمرّ من العلقم أثناء حلّهم وترحالهم، وقتلت الألوف ودَحَرَتْهُم أمام الأعداء مرارًا؟ أما سَطَت على شمشون الجبّار فَقَهَرَتْهُ، ثمّ عَمَدَت إلى عينيه فَقَلَعَتْهُما، وإلى قُوَّتِه فَسَلَبَتْها، وجعلته يطحن كالثور، وأعداؤه يهزأون به ويسخرون منه؟ أما رأينا أجسامًا قد أصبحت هياكل عظميّة نخرة بسبب الخطيّة؟ أما شاهدنا نتاجئها المُرّة تمتدّ إلى الذراري من جيلٍ إلى جيل؟
وماذا نقول أيضًا عن الخطيّة؟
كم أذلّت! كم أَضَلَّت! كم حَطَّمَت! كم بَدَّدَت! كم سَلَبَت! كم حزت أفئدتنا! كم فتّتت قلوبنا! كم قصمت ظهورنا! كم أثارت لواعج الحزن والأسى بين أضالعنا! وهل يُرجى من الخطيّة غير المصائب والويلات، ومِن ذكراها إلاّ الوخزات واللّذعات؟
ثمّ هل من سبيل النجاة والإنقاذ من هوّتها السحيقة التي يتردَّى فيها العالم، غير التوبة الصادقة؟ وهل من دواء ناجع يكفل البُرء من الخطيّة وأوحالها، إلاّ الاغتسال بدم المسيح؟ “وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ” (١يوحنا ٧:١)!
إسحق لوزا – طعام وتعزية ٢٠٢١
في الحُبِّ والكراهيَّة…
هل هناك فرق بين المحبّة كصفة للشخصيّة والشخص، والمحبّة أو الحبّ كعاطفة نشعر بها تجاه شخص آخر؟ أم أنّهما نفس الشيء؟ وإن كان عكس عاطفة الحبّ هي عاطفة الكراهيّة، أفهو الأمر ذاته في نفس الصفة ذاتها؟ بمعنى أنّ عكس صفة الحبّ هي صفة الكراهيّة؟ أم أنّ الأمر يختلف تمامًا هنا حيث أنّه لا توجد صفة اسمها الكراهيّة بل الأنانيّة؟
هناك فرق كبير بين المحبّة كصفة وبين الحبّ كمشاعر عاطفيّة. فالحبّ كمشاعر هو مجرّد ردّ فعل وليس اختيارًا إراديًّا. ردّ فعل تجاه شخص يعجبني أو أسرني بكرمه أو عاملني بطريقة تجبرني أن أحبّه. وإذا تصرّف نفس الشخص عكس هذه الطريقة، فإنّ مشاعري تتحوّل من الحبّ إلى الكراهيّة لأنّها ردّ فعل تلقائي وليس موقفًا ثابتًا إراديًّا.
إذًا، عاطفة الحبّ هي حالة ليست ثابتة وليست عامة من نحو جميع الناس. قد يستحيل عليَّ أن أشعر بها تجاه عدوّ يكرهني ويتربّص بي. وهذا ما يجعل الكثيرين يظنون أنّ وصيّة السيّد المسيح “أحبّوا أعداءكم” مستحيلة لأنّهم يظنون أنّه يتكلّم عن عاطفة الحبّ وليس صفة الحبّ التي نتحدّث عنها الآن والتي نحتاج أن نتعرّف عليها في شخص اللّه العجيب.
فالصفة ليست حالة بل طريقة وأسلوبًا في الحياة. كمبدأ أختاره، وقيمة أتمسّك بها، وألتزم بها وأتكوَّن بها فأكونها!
القسّ د. سامح موريس – اللّه الذي أحبّه
أبانا الذي… في السَّموات!
محبّة اللّه الآب هي الأصل في الترابط والثقة القوية بين اللّه والإنسان، لكنّه لم يفرضها علينا على الإطلاق، بل هي مقدّمة لنا، ولكنّها مرتبطة باسمه وبقداسته وبهيبته، التي لا يمكن المساس أو التفريط بها. فلا يجوز التعامل مع اللّه الآب، وكأنّه أب أرضي، نتساهل في الاقتراب منه، بشكل يكاد يتّخذ طابع المزاح، وعدم الجدِّيَّة، فقط لأنّنا نبدأ الصلاة بالنداء: “يا بابا!” ولا هو بأب أرضيّ تتسلّى في محضره كيفما شئت. الآب السماوي القدّوس الطاهر يطلب منك الامتثال في محضره بالشكل الذي يليق بقداسته. لأنّه مع كونه أب محبّ، فإنّه قدّوس “لا يُدنى منه” دون استحقاق. لذلك، لزم مجيء الابن إلينا، ليعلّمنا عن كيفيّة الاقتراب من الآب، ويمهّد السبيل لنا.
القسّ د. حنّا يشوع – الصلاة الربّانيّة